مقال قانوني حول نص المادة 324 من قانون الاجراءات المدنية النافذ في الدولة المتعلق بالمنع من السفر

يعد المنع من السفر ، من أخطر الإجراءات التحفظية على المدين

يعد المنع من السفر ، من أخطر الإجراءات التحفظية على المدين ، كونه يتعلق بحرية التنقل وهي من حقوق الإنسان المصانة في الدستور والاعلان العام لحقوق الانسان وفي معظم الاتفاقيات الدولية المرتبطة ، وبالمقابل يرتبط بحق الدائن بضمان دينه ومنع المدين من الهروب من الدولة مما يهدر حق الدائن في حال عجز عن ملاحقة المدين خارج الدولة

وللموازنة بين حقوق الدائن والمدين سابقة الذكر رتب القانون شروطاً خاصة حصرها في متن مواده لإمكانية إصدار حكم بمنع سفر المدين منا ما يتعلق بقيمة المديونية بحيث أوجب أن تكون المديونية تفوق العشرة آلاف درهم وشروط أخرى تتعلق بثبوت الدين وكونه مستحق الأداء ، ومن ثم ألزم الدائن الطالب لمنع السفر بأن يقدم للمحكمة أسباب جدية تجعل من خشية فرار المدين واضحة للمحكمة من خلال المستندات المرفقة بالدعوى ليتمكن بعد ذلك من الاستحصال على حكم بمنع المدين من السفر خارج الدولة

ويجب أن يستدل القاضي على هذه العناصر التي اشترطها القانون من ظاهر الأوراق بحيث أن قاضي الأمور المستعجلة يحكم بناء على ظاهر الأوراق دون ان يدخل في مضمونها أو صحتها أو أصل الحل أو تحقق شروط المديونية ، كونه يصدر قراراً تحفضياً يقصد منه حماية حقوق الدائن دون الفصل في أصل الحق

ومن الدعاوى التي باشرتها مؤسسة جمعة النقبي للمحاماة والاستشارات القانونية المتعلقة بمنع السفر وأثمرت بالنجاح ، هي قضية تتلخص وقائعها بإيقاع حكم بمنع من السفر على أحد الموكلين بدين ناتج عن علاقة عقدية قيمته 15 مليون درهم

وقد كان لهذا الحكم أثر بالغ الضرر على الموكل كونه تاجر ويعتمد عمله على السفر الدائم إلى دول مختلف لمتابعة أعماله التجارية

ولمعالجة هذا الأمر من الناحية القانوية قامت مؤسسة جمعة النقبي للمحاماة والاستشارات القانونية وبعد تنظيم الوكالة بإعداد فريق عمل مؤلف من المحامين والمستشارين المختصين بالقضاية التجارية وتم تزويد الفريق بمترجم معتمد يتقن لغة الموكل لنقل تفاصيل الدعوى بشكل دقيق للفريق العمل القائم على القضية

عند مطالعة ملف القضية وجد فريق العمل خللاً واضحاً في عمل الممثل القانوني للخصم في الدعوى تتمثل بعدم تقديم ما يثبت الخشية من فرار المدين وفق ما رسمه  القانون

وبالاستناد إلى ذلك تم التظلم على قرار منع السفر وتم طرح الخلل سابق الذكر في متن قرار منع السفر على مقام المحكمة وفق السرد التالي :

“حيث إكتفى المتظلم ضده فيما اشترطته المادة 324 من قانون الاجراءات المدنية سابقة الذكر ، بإيراد العبارة التالية في لائحة طلب الأمر موضوع التظلم حيث أورد التالي :”ولما كان طالب الأمر، لديه أسباب جدية يخشى معها فرار المطلوب ضدهما الأجنبيين الي الخارج وضياع أمواله ما حدا به لتقديم الطلب الماثل لمحكمتكم الموقرة مع استعداده تحمل كفالة العطل والضرر .”

عدالة المحكمة الموقرة إن القانون لم يشترط أن يكون لدى طالب المنع من السفر أسباب جدية لفرار المدين يحتفظ بها لنفسهِ ، ويصرح للمحكمة الناظرة بإمتلاكها وحسب ، دون أن يشرحها وبعد ذلك يربطها بما يشفع لها من مستندات ……” ( انتهى الإقتباس من الدفع الموجه إلى المحكمة في التظلم على امر منع من السفر )

القاضي الناظر في التظلم رفض الدفع السابق وأيد قرار منع السفر  معللاً حكمهُ بكون الممنوع من السفر أجنبي مما يجعل توافر الخشية من سفره خارج الدولة قائمة

بادرت مؤسسة جمعة النقبي للمحاماة إلى استئناف القرار السابق مستندين إلى ذات الثغرة القانونية وبينا لمحكمة الاستئناف بأن كون الشخص مدين بمبلغ من المال أو كونه أجنبي لا يجعل أسباب الخشية التي طلبها القانون متوافرة لصدور قرار بمنع السفر وحرمان الأفراد من حقهم الدستوري في التنقل ، بل إن القانون اشترط أن تكون هذه الأسباب بائنة للمحكمة الناظرة من ظاهر المستندات المرفقة بالطلب وأن يثبتها المدعي بما يوجبه القانون على المدعي من اثبات دعوه

وأضفنا بأن عدم تبيان هذه الأسباب من قبل المستأنف ضدهُ وبعد ذلك النظر بقيامها وجديتها من قبل المحكمة مصدرة الحكم المستأنف يجعل القرار موضوع الاستئناف الماثل قد أتى سابقاً لأوانهِ وفي غير مكانه من القانون

وصل هذا الدفع إلى يقين محكمة الاستئناف الناظرة ووجدته منطبقاً على ما اشترطه القانون في هذا الشأن وأصدرت حكمها بالغاء قرار منع السفر واعتباره وكأنه لم يكن بموجب التعليل التالي لحكمها :

“وكان من المقرر وفقا لما تقضي به المادة 324 من قانون الإجراءات المدنية أن تقييد حرية المدين بمنعه من السفر خارج الدولة مناطه أن تتوافر المقتضيات الجدية التي تخول للقاضي اتخاذ هذا الإجراء بما يستبينه من ظاهر الأوراق بشأن خشية الدائن من فرار مدينه قبل تنفيذ ما قد يصدر ضده من أحكام لصالحه فلا يكفي مجرد توافر الشروط الواردة في ذلك النص ، وأن كون الشخص أجنبيا أو مدينا لآخر بدين محقق الوجود وحال الأداء أو أن هناك ادعاء جديا بالمديونية لا يكفي سندا لمنعه من السفر ، بل لا بد من توافر عامل الخشية من فقدان الدائن ضمان حقه ، ويقع على هذا الدائن عبء إثبات الأسباب الجدية التي يخشى معها فرار مدينه ..”

وقضت المحكمة من حيث النتيجة بالتالي :

 حكمت المحكمة حضوريا : بقبول الاستئناف شكلا ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا في موضوع التظلم بإلغاء أمر المنع من السفر المتظلم منه واعتباره كأن لم يكن ، وبإلزام المستأنف ضده المصاريف عن الدرجتين ومبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة.

النصوص القانونية المرتبطة من قانون الإجراءات المدنية الصادر بمرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022

المادة (324)

1- . للدائن ولو قبل رفع الدعوى الموضوعية إذا قامت أسباب جدية يخشى معها فرار المدين وكان الدين لا يقل عن (10.000) عشرة آلاف درهم ما لم يكن نفقة مقررة أو التزامًا بعمل أو امتناعًا عن عمل أو أجرة عمل أن يطلب من القاضي المختص أو رئيس الدائرة حسب الأحوال، إصدار أمر بمنع المدين من السفر في أيٍّ من الحالتين الآتيتين:-

أولاً: إذا كان الدين معلومًا ومستحق الأداء غير مقيد بشرط.

ثانيًا: إذا لم يكن الدين معين المقدار يقوم القاضي بتقديره تقديرًا مؤقتًا، على أن يتوافر الشرطان الآتيان:-

  أ‌. أن تستند المطالبة بالحق إلى بينة خطية.

  ب‌. أن يقدم الدائن كفالة تقبلها المحكمة يضمن فيها كل عطل وضرر يلحق بالمدين من جراء منعه من السفر إذا تبين أن الدائن غير محق في ادعائه.

2- للقاضي قبل إصدار الأمر ، أن يجري تحقيقًا مختصرًا إذا لم تكفه المستندات المؤيدة للطلب، كما له أن يأمر بإيداع جواز سفر المدين في خزانة المحكمة وتعميم الأمر بالمنع من السفر على جميع منافذ الدولة في حالة إصدار الأمر بالمنع من السفر.

3- لقاضي تنفيذ الأحوال الشخصية أن يصدر أمرًا بمنع المحضون من السفر في الحالات التي تخالف شروط وضوابط الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية الاتحادي.

4- لمن صدر الأمر بمنعه من السفر أو رفض طلبه أن يتظلم منه بالإجراءات المقررة للتظلم من الأوامر على العرائض، ما لم يكن مصدر الأمر هو قاضي التنفيذ المختص فيكون التظلم من قراره وفقًا للإجراءات المنصوص عليها في البند (1) من المادة (209) من هذا القانون.

5- لا يحول الأمر الصادر بالمنع من السفر دون تنفيذ الأحكام الباتة الصادرة بتدبير الإبعاد، ويعرض الأمر بالمنع من السفر في حالة صدور حكم بات أو أمر إداري بتدبير الإبعاد على لجنة قضائية برئاسة قاضٍ يصدر بتشكيلها قرار من مجلس الوزراء للنظر في تنفيذ أيهما.

6- يجوز لرئيس المحكمة المختصة أو من يفوضه الموافقة على سفر المدين بسبب مرضه هو أو أحد أصوله أو فروعه من الدرجة الأولى أو زوجه، ويُشترط لذلك أن يرفق بالطلب شهادة طبية من جهة رسمية تفيد الحاجة إلى العلاج في الخارج وعدم إمكان العلاج داخل الدولة وذلك مع بقاء أمر المنع من السفر قائمًا.

أحدث المدونات القانونية