الحضانة هي حفظ الولد وتربيته ورعايته والقيام على مصالحه بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية
وإن حق الحضانة هو لكلا الأبوين عند قيام الحياة الزوجية المشتركة ، وهو للأم بعد الطلاق أو التطليق ولا يسقط عن الأم إلا بموجبات حددها قانون الأحوال الشخصية وحصرها في متن مواده، وفي حال سقوط الحضانة عن الأم فهي تنتقل إلى الأب وإذا سقطت عنهُ تنتقل إلى أم الأم ثم إلى أم الأب ومن ثم تقرر المحكمة من تراه مناسب من أقارب المحضون لاستحقاق الحضانة
وعند نظر القضاء في قضايا الحضانة، فإنه يُعلي مصلحة المحضون ويقدّمها على مصلحة الخصوم فبامكانهِ اسقط الحضانة عن مستحقها وفق الترتيب السابق ويقضى بالحضانة لمن يراه أجدر باستحقاقها من الأقرباء المطالبين بالحضانة
وقد منح المشرّع القضاء الشرعي في مسائل الحضانة صلاحيات استثنائية لم يمنحها للقضاء المدني أو الجزائي ، حيث يسمو دور القاضي في مسائل الحضانة ليتجاوز موقعهُ كحكم بين الخصوم ، ليصبح بمثابة طرف في الدعوى ، مهمته الدفاع عن حقوق المحضون والقضاء بموجبها، حيث يتجاوز القاضي في دعوى الحضانة صلاحيات القضاء المعتادة فيمكنه أن يحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر أو بأقل وفق ما تقتضيه مصلحة المحضون ويمكنه أن يتبع وسائل اثبات لم يطلبها الخصوم ويحكم بها من تلقاء نفسه في سبيل تحقيق هذه المصلحة
بل إن المشرع أعطى القاضي في مسائل الحضانة صلاحيات تفوق صلاحيات السلطة القضائية ، لغاية الحفاظ على مصلحة المحضون حيث مكنتهُ من عدم تطبيق القانون وعدم التقيد بعناصرهِ في حال وصلت قناعة القاضي الوجدانية بأن هذا القانون يضر بمصلحة المحضون في الدعوى المنظورة أمامه
حيث أتّبَعَ المشرع الكثير من المواد القانونية الخاصة بالحضانة بالعبارة التالية : ( …. ما لم تقتضِ مصلحة المحضون خلاف ذلك ) مانحاً القاضي صلاحية عدم التقيد بنص المادة وموجباتها في حال كانت غير مناسبة لمصلحة المحضون في الدعوى الماثلة أمامه
( انظر المواد 112-113-114-115-116-117 -118-119-120-121-122-123-124 من قانون الأحوال الشخصية الاماراتي النافذ في الدولة الصادر بمرسوم بقانون اتحادي رقم (41) لسنة 2024 )
فإن ما ممنحه المشرع للقاضي في مسائل الحضانة من سلطة لم تمنح لقاضي مدني أو جزائي في النظام القضائي القائم في الدولة ، وهذه الصلاحيات تعكس ثقة المشرع بالقضاء الشرعي وتترك مساحة كبيرة للفصل بكل قضية وفق وقائعها الخاصة وتبعا لوضع ومصلحة المحضون في كل منها
ومن أبرز الدعاوى التي تبين صلاحيات القضاء السابقة في مسائل الأحوال الشخصية ، دعوى اسقاط حضانة باشرتها مؤسسة جمعة النقبي للمحاماة والاستشارات القانونية ، بسبب إخفاء الأم ابنتيها المحضونتين عن الأب وتغير اسميهما في المدرسة التي تدرسان فيها إضافة إلى أسباب أخرى ، وبالفعل تم اسقاط حضانة الأم والقضاء بضم الابنتين المحضونتين إلى الأب
تتمثل تفاصيل القضية السابقة ، في انه وبعد وقوع الطلاق بين الأب وزوجته في احدى الدول العربية الشقيقة قامت الأم بتهريب ابنتيها المحضونتين إلى دولة الإمارات عن طريق تحريف تقرير طبي وعرضه على القضاء لإلتماس عذر لسفر الابنتين خارج دولتهم ، وبالفعل تمكنت بهذه الحيلة بأن تغادر دولتها برفقة المحضونتين دون موافقة الولي
وبعد إقامتها في الدولة تزوجت من رجل أجنبي عن المحضونتين وأقامت هي وزوجها والمحضونتين في منزل واحد وقامت بتغير أسمي المحضونتين داخل المدرسة التي يدرسان فيها بتغير نسبهم إلى اسم مغاير لاسم الاب الحقيقي مستخدمتاً اسم زوجها (زوج الأم) ، فكان الطلاب والمعلمين يستخدمون اسماء الابنتين مع اسم زوج الأم بدل من اسم الأب الحقيقي وكانت الشهادات التشجيعية تصدر باسم الابنتين مرفقة باسم زوج الأم
خلال فترة إخفاء المحضونتين عن والدهم ، كان الأب يبحث عن بناته من دولتهِ عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، إلا انه لم يتمكن من العثور عليهما ، واستمر هذا الوضع لمدة تسع سنوات دون أن يتمكن من التوصل إلى مكان ابنتيه داخل دولة الامرات أو التواصل معهما ، لذلك قرر ايجاد عمل داخل دولة الإمارات ليتفرغ للبحث عن بناته
وبالفعل تمكن الأب من ايجاد عمل داخل الامارات العربية ، واستحصل على اقامة في الدولة ، وبعد أن استقر في الدولة زار مؤسسة جمعة النقبي للمحاماة والاستشارات القانونية وعرض الوقائع السابقة وطلب حلاً قانونيا يمكنه من ايجاد ابنتيه وحضانتهما وتعويضهما عن سنين الإخفاء والابعاد التي دامت تسع سنوات منذ أن كان عمر ابنتيه خمس سنوات حتى بلغتا الرابعة عشر عند زيارة الأب للممثل القانوني ( مؤسسة جمعة النقبي للمحاماة والاستشارات القانونية )
وبعد تنظيم الوكالة قام الممثل القانوني بتشكيل فريق عمل متخصص بقضايا الأحوال الشخصية ، وقام بتقديم طلب استدلال قبل رفع الدعوى لتحديد عنوان الأم المدعى عليها
وبمطالعة الموكل لإحدى الصفحات الالكترونية العائدة لإحدى مدارس الدولة الخاصة ، تفاجأ بايجاد صور لابنتيه ، يحملان شهادات تشجيعية من المدرسة ، دوّنَ عليها اسميهما ثم ادرج اسم الأب بشكل مخالف للحقيقة بحيث وضع اسم زوج الأم بدلاً من اسم الأب الحقيقي
بدأ الممثل القانوني ( مؤسسة جمعة النقبي للمحاماة والاستشارات القانونية ) بتقيد مجموعة من الدعاوى القضائية بمواجهة الأم الحاضنة والمدرسة ، حيث تم تقيد خمس دعاوى مختلفة الأنواع منها المستعجلة ومنها الموضوعية ، فتم قيد دعوى باسقاط حضانة الأم امام محاكم الأحوال الشخصية ودعوى مستعجلة للمطالبة بالرؤية وأخرى للولاية التعليمة وتسليم جوازات السفر الخاصة بالمحضونتين ، وأقام الممثل القانوني دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض من المدرسة بسبب تغير أسماء ابنتي الموكل المحضونتين داخل أروقتها
وبالمقابل ورداً على الدعاوى السابقة أقامت الأم دعوى للمطالبة بالنفقة والزام الأب برسوم المدرسة وسيارة خاصة مع سائق لنقل المحضونتين وخادمة وأجرة حضانة ومسكن وبدل أثاث المنزل وما إلى ذلك من مطالبات
ولدى تنفيذ قرار الرؤية الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة ، وفي موعد الرؤية الأولى تفاجأ الأب بأن ابنتيه تم تلقينهما وتوجيههما من الأم ليقومان بسبه لإجبارة عن التخلي عن مطالبته بالحضانة
وعند سماع الأب لكلام ابنتيه والصورة المشوهة المرسومة في مخيلتهما عنه قام بالإتصال بالممثل القانوني ( مؤسسة جمعة النقبي للمحاماة والاستشارات القانونية ) ليتم توجيههُ إلى التصرف القانوني المناسب لعلاج ما يتعرض له من سب ملقن لابنتيه ، تم توجيهه مباشرةً بضرورة الاتصال بالشرطة وتنظيم إثبات حالة بالواقعة ليتم إستخدامها كأحد الدفوع في دعوى اسقاط الحضانة وكدفع جوهري بقيام الأم بتحريض ابنتيه وتلقينهما الإسائة للأب
وبالفعل تم تنظيم محضر إثبات حالة بالواقعة وتم الاستفادة من هذا المحضر و من وتحريف الأسماء الوارد على صفحات المدرسة الالكترونية وغير ذلك من وسائل اثبات وتكللت هذه المظلومية وكل هذه الجهود بصدور حكم قضائي عن مقام المحكمة الناظرة ( محكمة دبي الابتدائية دائرة أحوال نفس مسلمين ) باسقاط حضانة الأم وبضم الابنتين المحضونتين إلى الأب
وبالمقابل تم رفض دعوى الأم بجميع طلباتها
وبتكرر مواعيد الرؤية بدأت العلاقة بين الأب وابنتيه تتحسن بعد أن نجح بتغير الصورة التي رسمت في ذهنيهما عنهُ من قبل والدتهم طوال فترة إخفائهم عنه والتي دامة تسع سنوات ، وحالياً هو يشرع بتنفيذ قرار ضم بناته إلى حضنه ِ وحضانتهما
كان لهذه الدعوى وقع خاص على كافة العالمين لدى مؤسسة جمعة النقبي للمحاماة والاستشارات القانونية ، بسبب ملاحظة جميع العاملين لسعادة الأب الموكل بايجاد بناته بعد 9 أعوام من البحث ومن ثم استحصالهِ على حكم قضائي بحضانتهما
الأسباب التي أدت إلى نجاح الدعوى
الأسباب الادارية
1- تشكيل فريق عمل خاص بالقضية المطروحة يتكون من محامين متخصصين بدعاوى الأحوال الشخصية
2- عقد العديد من الاجتماعات لبحث القضية بين المستشارين العاملين في المؤسسة، ومناقشة الدفوع والأوجه القانونية المتاحة والمتعلقة بالقضية
3- تنظيم اجتماعات متتالية مع الأب الموكِّل للوقوف على تفاصيل القضية ومستجداتها
أسباب نجاح الدعاوى من الناحية القانونية
1- دراسة المواد القانونية الخاصة بإسقاط الحضانة المنطبقة على الواقعة وفهمها بشكل دقيق
2- دراسة القانون الواجب التطبيق على الوقائع من ناحية تنازع القوانين من حيث الزمان، بهدف تحديد ما إذا كان قانون الأحوال الشخصية القديم أو القانون المعدل هو الواجب التطبيق على الدعوى
4- تم ربط الوقائع بالمواد القانونية المناسبة ومن ثم عرضها على المحكمة بمذكرات ولوائح قانونية تفصل الوقائع ، وتسرد تاريخ القضية منذ بدئها وايقاع الطلاق بين أطراف الدعوى الحاصل منذ تسع سنوات مضت ، وحتى لحظة رفع الدعوى ومثولها أمام المحكمة ، ومن ثم ربط هذه الوقائع وعناصرها بالمواد القانونية واجبة التطبيق ، وتم اشفاع الوقائع والدفوع السابقة بحافظة مستندات طويت على مستندات تثبت الدعوى مبوبة ومقسمة بشكل يتيح للقاضي التأكد والتثبت من الوقائع التي يعرضها الممثل القانوني للمدعي
5- روح التعاون بين فريق العمل القائم على القضية ، والذي نجح بانشاء روابط متينة مع الموكل مكنت فريق العمل من الوقوف على أدق التفاصيل الحاصلة في القضية وفهمهما ومن ثم نقل هذا الفهم للمحكمة الناظرة بالدعوى
النصوص القانونية المرتبطة من قانون الأحوال الشخصية النافذ في الدولة الصادر بمرسوم بقانون اتحادي رقم (41) لسنة 2024
المادة (113) شروط الحاضن
يجب أن تتوفر في الحاضـن الشروط الآتية:
1- العقل، وبلوغ سن (18) ثمانية عشر سنة ميلادية إذا كان الحاضن الأم أو الأب، وبلوغ سن الرشد إذا كان الحاضن غيرهما.
2- الأمانة والقدرة على تربية المحضون التربية الصالحة وحفظه ورعايته والإشراف على تعليمه.
3- السلامة من الأمراض المعدية أو الخطيرة التي قد تشكل خطراً على حياة أو صحة المحضون.
4- إذا كان الحاضن امرأة، فيجب أن تكون غير متزوجة برجل أجنبي عن المحضون، ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك وفقاً لتقدير المحكمة.
5- إذا كان الحاضن رجلاً، فيجب أن يكون ذا رحم محرم للمحضون إن كانت أنثى، وأن يقيم عند الحاضن من يصلح للحضانة من النساء.
6- ألا يكون قد سبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض.
7- ألا يكون مدمناً على تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية أو المسكرات.
8- أن يتحد الحاضن مع المحضون في الدين، إلا إذا كانت الحاضنة أُماً على غير دين المحضون وقدّرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون وفقاً للشروط التي تُقررها المحكمة.
المادة (114) ترتيب الأحق بالحضانة
المادة (115) سقوط الحق في الحضانة
1- يسقط الحق في الحضانة في الحالات الآتية:
أ. إذا تخلف أحد الشروط التي يجب أن تتوفر في الحاضن.
ب. إذا قصّر الحاضن في القيام بواجبات الحضانة أو تعذر عليه قيامه بها.
ج. إذا انتقل الحاضن إلى مكان بقصد الإقامة تفوت به مصلحة المحضون.
د. إذا سكت مستحق الحضانة عن المطالبة بها مدة تزيد على سنة من تاريخ علمه بسبب الاستحقاق من غير عذر، ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك.
ه. إذا سكن الحاضن الجديد مع من سقطت حضانته لسبب غير العجز الصحي.
و. ارتكاب الحاضن لسلوك مشين يؤثر على المحضون.
2- يجوز لمن سقط حقه في الحضانة أن يتقدم إلى المحكمة بطلبها مجدداً إذا زال سبب سقوطها عنه.”