الترابط بين الدعوى الجزائية والدعوى المدنية في القانون الإماراتي

يُعد مبدأ الترابط بين الدعوى الجزائية والدعوى المدنية من أبرز المبادئ القانونية في النظام القضائي الإماراتي، حيث يوازن القانون بين حق المجتمع في العقاب وحق المجني عليه في التعويض.
وتُطبَّق هذه العلاقة بصورة واضحة في القضايا التي يتسبب فيها الفعل الجرمي بضرر مباشر للغير، مما يتيح للمضرور المطالبة بحقه الشخصي بالتعويض ضمن سير الدعوى الجزائية أو أمام القضاء المدني بعد صدور الحكم.

وتأتي أهمية الموضوع من تأثير هذا الترابط على حقوق الأطراف، وعلى مسار الإجراءات أمام جهات التحقيق والمحاكم.

الأساس القانوني

ينظّم القانون الإماراتي العلاقة بين الدعوى الجزائية والمدنية عبر مجموعة من النصوص التشريعية، أهمها:

  1. قانون الإجراءات الجزائية
  • يقرر للمجني عليه أو من يمثله الحق في الادعاء المدني أمام المحكمة الجزائية للمطالبة بالتعويض.
  • يقرر تعليق نظر الدعوى المدنية على نتيجة الدعوى الجزائية متى كان الفعل واحدًا.
  1. قانون المعاملات المدنية
  • المواد (282 – 292 – 293) المتعلقة بالمسؤولية التقصيرية والتعويض عن الضرر.
  • يُشترط للنجاح في الدعوى المدنية توافر: الخطأ + الضرر + العلاقة السببية.
  1. مبدأ حجية الأحكام الجزائية أمام القضاء المدني

الحكم الجزائي النهائي يُعد حجة أمام المحكمة المدنية فيما يتعلق بثبوت الفعل ونسبته إلى المتهم.

وقائع القضية النموذجية

في القضية التي عالجها المكتب، تعرّض أحد الأشخاص لاعتداء وتهديد من طرف آخر ما أدى إلى وقوع أضرار مادية ومعنوية.
وعليه:

  1. تم فتح بلاغ جزائي وإحالة المتهم للمحاكمة.
  2. ثبتت الإدانة بحكم جزائي بات.
  3. وبعد صدور الحكم، قام المجني عليه برفع دعوى مدنية مستقلة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار اللاحقة به.

وقد كانت لهذه الخطوات أهمية عملية في إثبات عناصر الضرر والمسؤولية.

التحليل القانوني والتطبيق القضائي

أولًا: حجية الحكم الجزائي

الحكم الجزائي البات يُعتبر:

  • حجة في ثبوت الفعل (الاعتداء – التهديد…)
  • وحجة في نسبة الفعل للمتهم

ولا يجوز للمحكمة المدنية مناقضة هذه الحجية.

ثانيًا: انتقال عبء الإثبات

بصدور الحكم الجزائي، تنتقل عبء الإثبات في الدعوى المدنية إلى مرحلة إثبات الضرر فقط، إذ إن الخطأ ونسبته أصبحا ثابتين.

ثالثًا: نطاق التعويض

يشمل التعويض:

  • الضرر المادي (علاج – إصابات – مصاريف – خسائر).
  • الضرر المعنوي وفق المادة 293 (الألم النفسي – الإهانة – المساس بالمركز الاجتماعي).

ويتم تقدير مبلغ التعويض وفق جسامة الفعل، وخطورته، والآثار المترتبة عليه.

رابعًا: إمكانية الجمع بين الدعويين

يجوز للمجني عليه أن:

  • يطالب بالتعويض أمام المحكمة الجزائية مباشرة، أو
  • ينتظر الحكم الجزائي ثم يقيم دعوى مدنية مستقلة أمام القضاء المدني.

وفي كلتا الحالتين، يتم الاستناد إلى الحكم الجزائي كأساس للمسؤولية.

النتائج والحكم القضائي النموذجي

أقرت المحكمة المدنية في القضية محل الدراسة:

  1. إلزام المدعى عليه بالتعويض المادي والمعنوي عن الأضرار المترتبة على الاعتداء.
  2. اعتماد الحكم الجزائي الصادر بالإدانة كأساس للخطأ.
  3. تقدير التعويض بما يتناسب مع الضرر الفعلي وجسامة الفعل.
  4. تحميل المدعى عليه الرسوم والمصاريف القانونية.
دور مكتب جمعة النقبي للمحاماة والاستشارات القانونية

أدى المكتب دورًا محوريًا من خلال:

  • متابعة البلاغ الجزائي منذ بدايته أمام الشرطة والنيابة العامة.
  • تقديم الدفوع القانونية التي أسهمت في إثبات الجريمة.
  • إعداد الدعوى المدنية بصياغة احترافية قائمة على حكم الإدانة.
  • تقدير عناصر الضرر وتوثيقها بالأدلة والتقارير الطبية.
  • ضمان حصول العميل على كامل حقوقه المالية والمعنوية.

هذا التكامل في العمل بين الجزائي والمدني يضمن أفضل حماية للحقوق.

يظهر الترابط بين الدعوى الجزائية والمدنية كإحدى أهم أدوات النظام القانوني الإماراتي لضمان العدالة الكاملة، حيث يتم الجمع بين العقوبة والتعويض وفق قواعد موضوعية واضحة.
ويعزز هذا الترابط حق المجني عليه في الحصول على جبر الضرر، ويمنح الأطراف إمكانية استخدام الحكم الجزائي كوسيلة فعّالة لإثبات المسؤولية المدنية.

للمزيد من المقالات القانونية والاستشارات المتخصصة، يمكنكم زيارة موقعنا الرسمي:
lawservices.ae

أحدث المدونات القانونية

إجراءات الإعسار في القانون الإماراتي – حماية المدين حسن النية وفق المرسوم بقانون اتحادي رقم (19) لسنة 2019

يُعد الإعسار في القانون الإماراتي من الموضوعات القانونية التي تمس شريحة واسعة من الأفراد، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية المعاصرة. فالإعسار هو الحالة التي يعجز

المزيد >